Monday, September 17, 2012

نداء للقمة الاسلامية .. جرّموا دعاة الفتنة!

قالت بقلق وحيرة: زميلة الدراسة بجامعة الملك فيصل، فاطمة اصبحت تتعامل معي بحذر كلما تواصلت معها على الهاتف، أو بالبلاك بيري. وفي زيارتي الاخيرة للدمام قابلتها مع الشلة، فلاحظت غياب عدد من الأخوات لأسباب غير مقنعة .. ولما الححت في السؤال، أسرت الي صديقة عزيزة، أن بعض الزميلات السنيات صرن متحفظات على حضور الشيعيات، وأكثر الشيعيات شعرن بالجو المختلف فقررن الانسحاب من الشلة. 

صدمت .. وأكبرت في فاطمة، وهي شيعية، اصرارها على الحضور رغم تحفظها الغريب في الكلام، وضعف التفاعل. نفس الموقف تكرر خلال زيارتي للبحرين، فمجموعتنا الودودة هناك، لم تعد كذلك. اصبح هناك تشنج وانشقاق، وتباعد حتى في الدراسة والعمل والسكن. وقبل أن اكمل جولتي بالكويت، سمعت بيان الديوان الاميري الذي يحذر من الفتنة الطائفية، ويجرم الاساءة الى الرموز الدينية كسادتنا الحسن والحسين رضي الله عنهما، فاكتفيت بالعودة الى جده وشلتي التي ماتزال متماسكة.
لكنني صدمت في اول لقاء يجمعنا بان قضية الحوار اصبحت تدور حول الخلافات الطائفية المثارة على القنوات الفضائية وفضاء التواصل الاجتماعي كتويتر والفيس بوك والبلاك بيري والواتس اب. يالطيف! هل غبت كثيرا عن البلد للدراسة الى هذا الحد؟ هل يعقل ان يتطور الامر بهذه السرعة في عام ونصف؟

قلت لها: للأسف هذا بالضبط ماحدث! ولكن النار كانت تًُشعل وتشتعل تحت رمال الخليج منذ زمن طويل. فقد اُريد لهذه المنطقة أن تنشغل بخلافاتها الداخلية عن مواجهة الاطماع الدولية. جربوا الغزو المباشر فخسروا. وجربوا الاحتلال فاندحروا. وعادوا اخيرا الى مابدأوا به، سياسة "فرق تسد" التي سادوا بها الدنيا وحكموا بها بلادنا ورقابنا مئات السنين. 

لقد كتبت نداء للقمة العربية التي عقدت في بغداد أطالب بإدراج قانون يجرم التحريض والكراهية وإثارة الفتن. فالعالم الذي خسر في الحرب العالمية الثانية فقط خمسين مليون قتيلا، غير الجرحي والمعاقين، قرر أن يحرم الدعوة الى الكراهية، ويعاقب المخالفين بالطرد من المناصب المؤثرة والحرمان من المنابر العامة والغرامات والسجن.

وفي أمريكا التي تفاخر بحرية التعبير المطلقة، تستثنى دعوات التحريض على الآخر المختلف، عنصرا ولونا وديانة. ونحن المسلمين أجدر بذلك التقنين، فديننا دين الاختيار الحر، والتسامح، وحسن الدعوة والتعامل، ومكارم الاخلاق. وإذا كنا أُمرنا الا نشتم المشركين، فكيف بشتم المسلمين؟ كيف بتكفيرهم واخراجهم من الملة؟ كيف بالتحريض على دمائهم واعراضهم؟ كيف بمحاكمة مافي عقولهم وقلوبهم؟ كيف بالتألي على الله فيمن يدخله الجنة ومن يدخله الجحيم؟

القضية لم تعد جدلا فقهيا وعقديا عمره ١٤٠٠ عام، ولكنه اليوم اصبح قضية امنية تهدد أمتنا بالاحتراب، وبلداننا بالانقسام، ومجتمعاتنا بالتقاتل. والنذر لم تعد تنبواءت وتصورات، ولكنها ماثلة حولنا وبيننا .. وامامنا. (انظر حولك!)، كما كان يقول اعلان تنظيم النسل في مصر، وسيغنيك الحال عن المقال. فالمجتمع العراقي كان تماسكه مضرب الامثال، ففي القبيلة الواحدة، والأسرة الواحدة والحي الواحد تتمثل كل الطوائف، واليوم طلقت الزوجات من ازواجهن، وتحارب بني العمومة والجيران وزملاء الدراسة، واصبحت الاحياء تُعرف بطائفة سكانها، بل أن مدنا بأكملها تلونت باعلام المذهب لا البلد.

واليوم انتشرت العدوى فحركت ما قد نسي اللبنانيون او تناسوا من عصبية الدين والمذهب، وبدأت قرون شيطان الطائفية تطلع في الاعلام والاحزاب .. ووصلت البيوت والشوارع. وفي مصر اشعلها دعاة الفتنة بين المسلم والقبطي، والشافعي والاخواني والسلفي والصوفي. وعادت الروح الى الحوثية في شمال اليمن، والقاعدية في جنوبه، وصحا الخلاف العتيق بين السلفية والصوفية، والشافعية والزيدية. 

لا يمكن ان يكون كل هذه صدفة، ولا عملا فرديا من ايران (رغم تورطها في كثير مما يحدث) او محور اسرائيل. ما يحدث من عمل ايدينا، شجعه غيرنا وفرحوا به، وكيف لا يفرحون؟ فخير أمة أخرجت للناس كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله. احرقت خيراتها وخيرة ابنائها، واضاعت قدسها ومجدها، وتفرغت اليوم ليحرق بعضها بعضا، وتترك الخير والمجد وعمارة الارض وخلافة الله فيها لغير المسلمين.  

كتبت بالامس نداءً للقمة العربية ولم يُستجب. واليوم اضم صوتي لصوت العقلاء، وندائي لنداء امير الكويت، وقلمي لقلم الزميل الكبير عبدالرحمن الراشد، ودعائي مع دعاء رموز الاعتدال في المنطقة، كالشيخ يوسف القرضاوي، والدكتور سلمان العوده، والسيد محمد خاتمي، والشيخ هاشمي رافنسجاني، والشيخ عبدالله بن بيه، والدكتور عايض القرني، والشيخ حسن الصفار، وعلماء الامة الاسلامية من باكستان واندونيسيا الى نيجيريا وجنوب افريقيا، ومن تركيا واذربيجان الى ارتيريا وجزر القمر، وأرفع بأسم كل مخلص لوحدة أمته، حريص على أمن وطنه ومجتمعه، نداءً لمؤتمر التضامن الاسلامي في مكة المكرمة، ليتبنى قانونا صارما يجرم دعاة الكراهية، ويضع الآليات التي تحدد جماعيا وداخل كل بلد الحدود والنظم والعقوبات التي تعيد قرون الشيطان الى حيث جاءت، وتخمد نار الفتنة التي قد ندرك أولها .. ولكن الله وحده يعلم ما ستنتهي بنا اليه. 

حكامنا وقادة امتنا .. ان مستقبلنا وامننا واماننا في اعناقكم فاحمونا من تجار الكراهية ودعاة الفتنة (لعن الله من ايقظها!)
Twitter: @kbatarfi
Facebook: kbatarfi2
Blog: http://k-batarfi.maktoobblog.com


No comments:

Post a Comment